الحكم الإلهية، من انتشار أحدث الفيروسات التاجية.


الحكم الإلهية، من انتشار أحدث الفيروسات التاجية.
بقلم د. محمد دسوقي الورداني
" خبير طرق تعليم وتدريب ذوي الإعاقة البصرية "

الفيروس التاجي الجديد، أو ما يُعرف بفيروس: (كورونا المستجد) هو: أحد الفيروسات التي تنتمي إلى المجموعة التاجية من الفيروسات، وسُمي بهذا الاسم؛ لأنّه – كما تذكر منظمة الصحة العالمية - عند وضعه تحت الميكروسكوب؛ وُجد أنّ شكله يشبه التاج، وفي اللغة اللاتينية يسمى التاج: (crown)، باسم كورونا (corona).
وأُطلق عليه: (المستجد)؛ لأنّ هذا الفيروس الجديد لم يتم تحديد إصابات بشرية به مسبقًا.

وأما الاسم الإنجليزي لهذا الفيروس: (COVID 19)؛ فهو - وفقًا لتقرير نشرته منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة - اختصار لثثلاث كلمات: فالحرفان: (CO)، هما أول حرفين من كلمة: كورونا (CORONA)، أما حرفا (VI)؛ فهما اختصار لأول حرفين من كلمة: فيروس (Virus)، وحرف (D)؛ فهو أول حرف من كلمة مرض بالإنجليزية (diseas)، وأما رقم: (19)؛ فهو إشارة إلى السنة التي ظهر فيها هذا الفيروس؛ حيث بدأ انتشار المرض في شهر (ديسمبر عام 2019).

وانطلق هذا الفيروس من (الصين)، وبالتحديد من مدينة (ووهان) الصينية؛ ثم انتشر في كثير من الدول، وهو ما تسبب فيما يشبه حالة الطوارىء العالمية، وأصبح حديث الناس في جميع بقاع المعمورة، وانشغلت جميع وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي؛ بالحديث عن: (أسبابه، وأعراضه، وطرق الوقاية منه،...إلخ).

وفي هذه الأيام يتساءل الكثير: ما السر وراء انتشار فيروس كورونا المستجد؟ ولكن عليك أن تعلم – أيها القارئ - أنّ الله – عزّ وجلّ - لا يُسأل عما يفعل؛ فانتشار هذا الفيروس؛ لا يخلو عن وجود حكمة إلهية، وعلى جميع أفراد البشرية؛ القبول بها والتسليم، سواء أدركوا الحكمة، أم لم يدركوها. وتفصير حكمة المولى – سبحانه وتعالى - في كثير من خلقه؛ وشرعه؛ يعجز عن معرفتها عقول البشر؛ فكل ما في السموات والأرض، وما يحدث فيهما، وما بينهما؛ إنما يكون بأمر الله – عزّ وجلّ - وحكمته.

لذلك نقدم إليك عزيزي القارئ، بعض الحكم الإلهية من انتشار فيروس كورونا المستجد في معظم أنحاء العالم، والتي ربما ترجع إلى:

أولاً: القدرة على الصبر...
ففيروس كورونا المستجد؛ يُعد اختبارًا من المولى – سبحانه وتعالى – لجميع البشرية؛ يقيس به مدى قدرتهم على الصبر على البلاء؛ يقول المولى عزّ وجلّ: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 155 – 157). ويقول أيضًا: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (محمد: 31).

ثانيًا: تكفير الذنوب ورفع الدرجات...
فربما يكون انتشار فيروس كورونا على سبيل تكفير الذنوب التي يكتسبها الإنسان؛ فالمولى - عزّ وجلّ ـ يبتلي عباده بالسراء والضراء، وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم، وإعلاء ذكرهم، وتكفير لذنوبهم، ومضاعفة حسناتهم؛ يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "ما يُصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه". رواه البخاري.

ثالثًا: عقاب من الله عزّ وجلّ...
حيث إنّ انتشار فيروس كورونا بهذا الشكل المخيف؛ ربما يكون على سبيل تعجيل العقاب في الدنيا؛ بسبب تقصير الإنسان في حق المولى عزّ وجلّ، وكثرة المعاصي والذنوب التي يرتكبها كثير من البشر على وجه الأرض؛ يقول سبحانه وتعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى: 30).

رابعًا: إظهار قدرة الله سبحانه وتعالى...
حيث إنّ أبسط الكائنات وأصغرها مثل: (فيروس كورونا المستجد)، الذي يُصيب الإنسان، وهو لا يُرى بالعين المجردة، وأصبح مصدرًا للقلق والتهديد لكثير من البلدان؛ فهو يُؤكد على قدرة الله – عزّ وجلّ – على الخلق، وفي نفس الوقت يُظهر ضعف الإنسان؛ فلا بد علينا أن نتعلَم من وجود هذا الفيروس مدى ضعف الإنسان، فمهما توصل إليه الإنسان من علم فهو؛ قليل. فقد قال الله – تعالى – في كتابه العزيز: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (الحديد: 22، 23).

خامسًا: الإنابة إلى المولى عزّ وجلّ...
ففيروس كورونا هذا؛ يُعد موضعًا عظيمًا لتفكر الإنسان، وتدبره، حتى يسارع بالتقرب إلى الله – سبحانه وتعالى – والإنابة إليه، وترك المعاصي، والمبادرة بالتوبة، يقول المولى – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الأعراف: 168). ويقول أيضًا: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (الأعراف: 130).

ولا شكَّ أنّ فيروس كورونا المستجد هذا؛ مرض كغيرِهِ منَ الأمراض، يقدره الله - جلّ وعلا - على عباده متى شاء، وكيف شاء.
وأخيرًا نقول:
اللهم ارفع عنا هذا البلاء والوباء،
واحفظ مصرنا الحبيبة من كل داء،
وسائر البلاد في جميع الأنحاء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملخص البحث المقدم لنيل درجة الدكتوراه

أقوال ذهبية عن ذوي الإعاقة من البشرية. بقلم الدكتور محمد دسوقي الورداني

موافقة مجلس الوزراء على تعديل لائحة قانون ذوي الهمم لوضع ضوابط جديدة لاستيراد سيارات الأشخاص ذوي الإعاقة.